الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج
. باب زكاة النبات: بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِمَا يَعُمُّ الشَّجَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهُ فِي الْعُرْفِ عَلَيْهِ مَأْلُوفًا، وَالْمُرَادُ مِنْهُ حَبُّهُ وَثَمَرُهُ إذْ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ أَيْ النَّابِتُ مِنْ شَجَرٍ وَزَرْعٍ (تُخْتَصَرُ بِالْقُوتِ وَهُوَ مِنْ الثِّمَارِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ وَمِنْ الْحَبِّ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْأَرُزُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ. (وَالْعَدَسُ وَسَائِرُ الْمُقْتَات اخْتِيَارًا) كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَالْبَاقِلَاءِ وَالدُّخْنِ وَالْجُلْبَانِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ لِوُرُودِهَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ. وَأُلْحِقَ بِهِ الْبَاقِي وَلَا تَجِبُ فِي السِّمْسِمِ وَالتِّبْنِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالرُّمَّانِ وَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهَا قَوْلًا وَاحِدًا. (وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ) بِسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالزَّعْفَرَانِ. (وَالْقُرْطُمِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَضَمِّهِمَا (وَالْعَسَلِ) مِنْ النَّحْلِ، رُوِيَ الْأَوَّلُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا بَعْدَهُ خَلَا الزَّعْفَرَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فِي الْقَدِيمِ، وَقِيسَ فِيهِ الزَّعْفَرَانُ عَلَى الْوَرْسِ وَاحْتَرَزُوا بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ عَمَّا يُقْتَاتُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ كَحَبَّيْ الْحَنْظَلِ وَالْغَاسُولِ. وَمِنْ الْأَحَادِيثِ مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدً بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَالَ:«أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا». وَمَا رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ:«لَا تَأْخُذَا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ». وَهَذَا الْحَصْرُ إضَافِيٌّ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ». وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ. فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَضْبُ فَعَفْوٌ، عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَضْبُ بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الرَّطْبَةُ بِسُكُونِ الطَّاءِ (وَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) فَلَا زَكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْهَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:«لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ». (وَهِيَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ) لِأَنَّ الْوَسْقَ سِتُّونَ صَاعًا، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقُدِّرَتْ بِهِ لِأَنَّهُ الرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. (وَبِالدِّمَشْقِيِّ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثُلُثَانِ) لِأَنَّ الرِّطْلَ الدِّمَشْقِيَّ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، فَتُضْرَبُ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافٍ، وَيُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى سِتِّمِائَةٍ يَخْرُجُ بِالْقِسْمَةِ مَا ذُكِرَ. (قُلْت الْأَصَحُّ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ. وَقِيلَ: بِلَا أَسْبَاعٍ وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَيَانُهُ أَنْ تَضْرِبَ مَا سَقَطَ مِنْ كُلِّ رِطْلٍ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، يَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ مَبْلَغِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِالْقِسْمَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَيْ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ بِالْمَنِّ الصَّغِيرِ ثَمَانُمِائَةٍ وَبِالْكَبِيرِ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ ثَلَاثُمِائَةِ مَنٍّ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَثُلُثَا مَنٍّ، وَلِمُسَاوَاةِ هَذَا الْمَنِّ لِلرِّطْلِ الدِّمَشْقِيِّ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ. وَالْمَنُّ الصَّغِيرُ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: رِطْلَانِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الرِّطْلَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. وَهَذَا النِّصَابُ تَحْدِيدٌ، وَقِيلَ: تَقْرِيبٌ فَيُحْتَمَلُ نَقْصُ الْقَلِيلِ كَالرِّطْلِ وَالرِّطْلَيْنِ وَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْكَيْلِ، وَقِيلَ: بِالْوَزْنِ وَقَالَ فِي الْعِدَّةِ بِالتَّحْدِيدِ فِي الْكَيْلِ، وَبِالتَّقْرِيبِ فِي الْوَزْنِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهِ لِلِاسْتِظْهَارِ، وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْقَدِيمِ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَّا الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ لَا يَحْصُلَ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا قَدْرُ النِّصَابِ، فَيَجِبُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَالِاعْتِبَارُ فِي الْعَسَلِ بِالْوَزْنِ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ (وَيُعْتَبَرُ) فِي قَدْرِ النِّصَابِ غَيْرُ الْحَبِّ (تَمْرًا وَزَبِيبًا إنْ تَتَمَّرَ أَوْ تَزَبَّبَ وَإِلَّا فَرُطَبًا وَعِنَبًا) وَتُخْرَجُ الزَّكَاةُ مِنْهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ. (وَالْحَبُّ مُصَفًّى مِنْ تِبْنِهِ) بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ قِشْرُهُ مَعَهُ كَالذُّرَةِ فَيَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُزَالُ تَنَعُّمًا كَمَا تُقَشَّرُ الْحِنْطَةُ (وَمَا اُدُّخِرَ فِي قِشْرِهِ) وَلَمْ يُؤْكَلْ مَعَهُ (كَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ. (فَعَشَرَةُ أَوْسُقٍ) نِصَابُهُ اعْتِبَارًا لِقِشْرِهِ الَّذِي ادِّخَارُهُ فِيهِ أَصْلَحُ لَهُ وَأَبْقَى بِالنِّصْفِ. وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْأَرُزَّ قَدْ يُخْرَجُ مِنْهُ الثُّلُثُ فَيُعْتَبَرُ مَا يَكُونُ صَافِيهِ نِصَابًا وَيُؤْخَذُ وَاجِبُهُمَا فِي قِشْرِهِ. (وَلَا يَكْمُلُ) فِي النِّصَابِ (جِنْسٌ بِجِنْسٍ) فَلَا يُضَمُّ التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ وَلَا الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ. (وَيُضَمُّ النَّوْعُ إلَى النَّوْعِ) كَأَنْوَاعِ التَّمْرِ وَأَنْوَاعِ الزَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا (وَيُخْرَجُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ فَإِنْ عَسُرَ) لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَقِلَّةِ مِقْدَارِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا (أَخْرَجَ الْوَسَطَ) مِنْهَا لَا أَعْلَاهَا وَلَا أَدْنَاهَا رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ جَازَ. وَقِيلَ يَجِبُ ذَلِكَ وَقِيلَ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْغَالِبِ وَيُجْعَلُ غَيْرُهُ تَبَعًا لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ. (وَيُضَمُّ الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا) وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ قَوْلُهُ: (وَالسُّلْتُ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ (جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ) فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ. (وَقِيلَ: شَعِيرٌ) فَيُضَمُّ إلَيْهِ (وَقِيلَ: حِنْطَةٌ) فَيُضَمُّ إلَيْهَا وَهُوَ حَبٌّ يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ فِي اللَّوْنِ وَالنُّعُومَةِ وَالشَّعِيرَ فِي بُرُودَةِ الطَّبْعِ. وَقِيلَ: إنَّهُ فِي صُورَةِ الشَّعِيرِ وَطَبْعُهُ حَارٌّ كَالْحِنْطَةِ فَأُلْحِقَ بِهَا فِي وَجْهٍ وَبِهِ فِي آخِرِ الشَّبَهَيْنِ وَالْأَوَّلُ قَالَ اكْتَسَبَ مِنْ تَرَكُّبِ الشَّبَهَيْنِ طَبْعًا انْفَرَدَ بِهِ وَصَارَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ. (وَلَا يُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ وَزَرْعُهُ إلَى) ثَمَرِ وَزَرْعِ عَامٍ (آخَرَ) فِي إكْمَالِ النِّصَابِ وَإِنْ فُرِضَ إطْلَاعُ ثَمَرَةِ الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ جِدَادِ ثَمَرِ الْأَوَّلِ. (وَيُضَمُّ ثَمَرُ الْعَامِ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ) لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ أَوْ بِلَادِهِ حَرَارَةً وَبُرُودَةً كَنَجْدٍ وَتِهَامَةَ فَتِهَامَةُ حَارَّةٌ يَسْرُعُ إدْرَاكُ الثَّمَرِ بِهَا بِخِلَافِ نَجْدٍ لِبَرْدِهَا. (وَقِيلَ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي بَعْدَ جِدَادِ الْأَوَّلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ فِي الصَّحِيحِ أَيْ قَطْعِهِ. (لَمْ يُضَمَّ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ ثَمَرَ عَامَيْنِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَطْلَعَ قَبْلَ جِدَادِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا فِي التَّهْذِيبِ لَا يُضَمُّ وَعَلَيْهِ أَيْضًا يُقَامُ وَقْتَ الْجِدَادِ مَقَامَ الْجِدَادِ فِي أَفْقَهْ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ ضُمَّ إلَيْهِ جَزْمًا (وَزَرْعَا الْعَامِ يُضَمَّانِ) وَذَلِكَ كَالذُّرَةِ تُزْرَعُ فِي الْخَرِيفِ وَالرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ. (وَالْأَظْهَرُ) فِي الضَّمِّ (اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ الْأَوَّلُ: خَارِجًا عَنْهَا، فَإِنْ وَقَعَ حَصَادُ الثَّانِي بَعْدَهَا فَلَا ضَمَّ لِأَنَّ الْحَصَادَ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ وَالثَّانِي: الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي سَنَةٍ وَإِنْ كَانَ حَصَادُ الثَّانِي خَارِجًا عَنْهَا لِأَنَّ الزَّرْعَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْحَصَادُ فَرْعُهُ وَثَمَرَتُهُ، وَالثَّالِثُ: الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ وَالْحَصَادَيْنِ فِي سَنَةٍ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ يُعَدَّانِ زَرْعَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الزَّرْعُ الْأَوَّلُ أَوْ حَصَادُ الثَّانِي خَارِجًا عَنْهَا وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً. وَالرَّابِعُ: الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الزَّرْعَيْنِ أَوْ الْحَصَادَيْنِ فِي سَنَةٍ وَفِي قَوْلٍ: إنَّ مَا زُرِعَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ فِي الْعَامِ لَا يُضَمُّ إلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالضَّمِّ فِيمَا لَوْ وَقَعَ الزَّرْعُ الثَّانِي بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّ الْأَوَّلِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ مَعًا أَوْ عَلَى التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ ثُمَّ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَقْلٌ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ فِيهِ بِالضَّمِّ، وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ. فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ زَرْعُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ فِي قَوْلِهِ عَامَيْنِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لِلظَّاهِرِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَوَاجِبٌ مَا شَرِبَ بِالْمَطَرِ أَوْ عُرُوقُهُ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ) وَهُوَ الْبَعْلُ (مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ الْعُشْرُ) وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا شَرِبَ مِنْ مَاءٍ يَنْصَبُّ إلَيْهِ مِنْ جَبَلٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ كَبِيرَةٍ (وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ بِنَضْحٍ) بِأَنْ سُقِيَ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِبَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ يُسَمَّى نَاضِحًا (أَوْ دُولَابٍ) أَوْ دَالِيَةٍ وَهِيَ مَا تُدِيرُهُ الْبَقَرَةُ، أَوْ نَاعُورَةٍ وَهِيَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ) وَفِي مَعْنَاهُ الْمَغْصُوبُ لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ وَالْمَوْهُوبُ لِعَظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَالْفَرْقُ ثِقَلُ الْمُؤْنَةِ فِي هَذَا وَخِفَّتُهَا فِي الْأَوَّلِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ:«فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عُشْرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ». وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ:«فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ». وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد:«فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوْ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ». وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّيْلِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْغَيْمُ الْمَطَرُ وَالسَّانِيَةُ وَالنَّاضِحُ اسْمٌ لِلْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ الَّذِي يُسْقَى عَلَيْهِ مِنْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ. (وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَفِي الْمَسْقِيِّ بِمَا يَجْرِي فِيهَا مِنْ النَّهْرِ الْعُشْرُ. وَقِيلَ: نِصْفُهُ لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِيهَا وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَالنَّضْحِ وَالْمَطَرِ سَوَاءٌ (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيْ الْعُشْرِ عَمَلًا بِوَاجِبِ النَّوْعَيْنِ (فَإِنْ غُلِبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ) فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْمَطَرَ فَالْوَاجِبُ الْعُشْرُ أَوْ النَّضْحَ فَنِصْفُ الْعُشْرِ (وَالْأَظْهَرُ بِقِسْطٍ) وَالْغَلَبَةُ وَالتَّقْسِيطُ (بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ) أَوْ الثَّمَرِ (وَنَمَائِهِ وَقِيلَ: بَعْدَهُ السَّقِيَّاتِ) وَالْمُرَادُ النَّافِعَةُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ زَمَنَ الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ إلَى سَقِيَّتَيْنِ، فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ مِنْ زَمَنِ الصَّيْفِ إلَى ثَلَاثِ سَقِيَّاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا عَدَدَ السَّقِيَّاتِ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ يَجِبُ خُمُسَا الْعُشْرِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ عَدَدَ السَّقِيَّاتِ بِالنَّضْحِ أَكْثَرُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْمُدَّةَ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ الْعُشْرُ لِأَنَّ مُدَّةَ السَّقْيِ بِمَاءِ السَّمَاءِ أَطْوَلُ. وَلَوْ سُقِيَ الزَّرْعُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّضْحِ وَجُهِلَ مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ. أَوْ قِيلَ: نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِي السَّقْيِ بِمَاءَيْنِ أَنَشَأَ الزَّرْعُ عَلَى قَصْدِ السَّقْيِ بِهِمَا أَمْ أَنْشَأَهُ قَاصِدًا السَّقْيَ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ عَرَضَ السَّقْيُ بِالْآخَرِ. وَقِيلَ: فِي الْحَالِ الثَّانِي يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ مَا قَصَدَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ بِمَاذَا سُقِيَ صُدِّقَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُسْتَحَبَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ مَسْقِيٌّ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَآخَرُ مَسْقِيٌّ بِالنَّضْحِ وَلَمْ يَبْلُغْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نِصَابًا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِتَمَامِ النِّصَابِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الْآخَرِ وَضُمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ التَّمْرِ. (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا تَقَدَّمَ (بِبُدُوِّ صَلَاحِ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَلَحٌ وَحِصْرِمٌ. (وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الِاشْتِدَادِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الصَّلَاحِ فِي التَّمْرِ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِهِ كَبُدُوِّهِ فِي الْجَمِيعِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَاشْتِدَادُ بَعْضِ الْحَبِّ كَاشْتِدَادِ كُلِّهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قَوْلُهُ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ ظُهُورُ مَبَادِئُ النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ، وَفِي غَيْرِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ السَّوَادِ. وَأُسْقِطَ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ هُنَا تَفْرِيعًا عَلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى أَوْ وَرِثَ نَخِيلًا مُثْمِرَةً وَبَدَا الصَّلَاحُ عِنْدَهُ كَانَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى مَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِتَفْرِيعِهِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمَا ذُكِرَ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ فِي الْحَالِ، بَلْ الْمُرَادُ انْعِقَادُ سَبَبِ وُجُوبِ إخْرَاجِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْحَبِّ الْمُصَفَّى عَنْ الصَّيْرُورَةِ كَذَلِكَ وَلَوْ أُخْرِجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ مِمَّا يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَمُؤْنَةُ جِدَادِ التَّمْرِ وَتَجْفِيفُهُ وَحَصَادُ الْحَبِّ وَتَصْفِيَتُهُ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْمَالِكِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ. (وَيُسَنُّ خَرْصُ الثَّمَرِ) الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ (إذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ) لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَرْصِهِ فِي حَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدً الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْبَابِ فَيَطُوفُ الْخَارِصُ بِكُلِّ نَخْلَةٍ وَيُقَدِّرُ مَا عَلَيْهَا رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَعْضِ وَقِيَاسُ الْبَاقِي بِهِ وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ جَازَ أَنْ يُخْرَصَ الْجَمِيعُ رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا (وَالْمَشْهُورُ إدْخَالُ جَمِيعِهِ فِي الْخَرْصِ) وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ يُتْرَكُ لِلْمَالِكِ ثَمَرُ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُهُ وَمُخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقِلَّةِ عِيَالِهِ وَكَثْرَتِهِمْ وَيُقَاسُ بِالنَّخْلِ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ الْكَرْمُ (وَأَنَّهُ يَكْفِي خَارِصٌ) وَاحِدٌ لِأَنَّ الْخَرْصَ يَنْشَأُ عَنْ اجْتِهَادٍ. وَفِي قَوْلٍ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ لِلْمَالِ فَيُشْبِهُ التَّقْوِيمَ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ. (وَشَرْطُهُ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ اثْنَيْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَرْصِ. (الْعَدَالَةُ) فِي الرِّوَايَةِ. (وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا اثْنَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً، وَهَذَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ. (فَإِذَا خَرِصَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ يَنْقَطِعُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَرِ وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ لِيُخْرِجَهُمَا بَعْدَ جَفَافِهِ وَيُشْتَرَطُ) فِي الِانْقِطَاعِ وَالصَّيْرُورَةِ الْمَذْكُورَيْنِ. (التَّصْرِيحُ) مِنْ الْخَارِصِ. (بِتَضْمِينِهِ) أَيْ حَقَّ الْفُقَرَاءِ لِلْمَالِكِ. (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) التَّضْمِينَ. (عَلَى الْمَذْهَبِ) فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ ضَمِنَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمَالِكُ بَقِيَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا كَانَ. (وَقِيلَ يَنْقَطِعُ) حَقُّهُمْ. (بِنَفْسِ الْخَرْصِ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَضْمِينِهِ مِنْ الْخَارِصِ بَلْ نَفْسُ الْخَرْصِ تَضْمِينٌ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ. وَثَانِيهمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَضْمِينِ الْخَارِصِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمَالِكِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ عَيْنِ التَّمْرِ بِخَرْصِهِ وَتَضْمِينُ الْخَارِصِ وَقَبُولُ الْمَالِكِ لَهُ لَغْوٌ، بَلْ يَبْقَى حَقُّهُمْ عَلَى مَا كَانَ. وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ عَلَى هَذَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلَ الْعِبْرَةِ وَالْأَوَّلُ قَوْلَ التَّضْمِينِ وَعَلَيْهِ قَالَ: (فَإِذَا ضَمِنَ) أَيْ الْمَالِكُ. (جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ) أَمَّا قَبْلَ الْخَرْصِ فَفِي التَّهْذِيبِ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْحَاكِمُ خَارِصًا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ تَحَاكَمَ إلَى عَدْلَيْنِ يَخْرُصَانِ عَلَيْهِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْخَرْصِ فِي الْحَبِّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى قَدْرِهِ لِاسْتِتَارِهِ. (وَلَوْ ادَّعَى) الْمَالِكُ (هَلَاكَ الْمَخْرُوصِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. (بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ أَوْ ظَاهِرِ عُرْفٍ) كَالْبَرْدِ وَالنَّهْبِ وَالْجَرَادِ وَنُزُولِ الْعَسْكَرِ وَاتُّهِمَ فِي الْهَلَاكِ بِهِ. (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) بِوُقُوعِهِ. (عَلَى الصَّحِيحِ) لِإِمْكَانِهَا. (ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْهَلَاكِ بِهِ) وَالثَّانِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ شَرْعًا وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُسْتَحَبَّةٌ. وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى دَعْوَى الْهَلَاكِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَبُولُهُ مَعَ الْيَمِينِ حَمْلًا عَلَى وَجْهٍ يُغْنِي عَنْ الْبَيِّنَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَالَ: هَلَكَ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْجَرِينِ حَرِيقٌ لَمْ يُبَالَ بِكَلَامِهِ. (وَلَوْ ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ) فِيمَا خَرْصَهُ. (أَوْ غَلَطَهُ) فِيهِ (بِمَا يَبْعُدُ لَمْ يُقْبَلْ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأُولَى لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى مَيْلَ الْحَاكِمِ أَوْ كَذَّبَ الشَّاهِدَ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَطِّ جَمِيعِهِ وَفِي حَطِّ الْمُحْتَمَلِ مِنْهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يُقْبَلُ. (أَوْ بِمُحْتَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ. (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ صَادِقٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي مِائَةٍ قُبِلَ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ أَيْ اسْتِحْبَابًا، وَقِيلَ: وُجُوبًا. كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَيْ كَوَسْقٍ فِي مِائَةٍ وَادَّعَاهُ بَعْدَ الْكَيْلَيْنِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُحَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النَّفْسَ وَقَعَ فِي الْكَيْلِ وَلَوْ كِيلَ ثَانِيًا لَوُفِّيَ وَالثَّانِي يُحَطُّ لِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى وَزَادَ قُلْت: هَذَا أَقْوَى. وَصَحَّحَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْأَوَّلَ وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ، وَأَصَحُّهُمَا بَدَلٌ وَالثَّانِي وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَصْوِيرُ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ فَوَاتِ عَيْنِ الْمَخْرُوصِ أَيْ فَإِنْ بَقِيَ أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ، وَلَوْ ادَّعَى غَلَطَ الْخَارِصِ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ.. باب زكاة النقد: أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَضْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ. (نِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَالذَّهَبُ عِشْرُونَ مِثْقَالًا بِوَزْنِ مَكَّةَ وَزَكَاتُهُمَا رُبْعُ عُشْرٍ) فِي النِّصَابِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَأَوَاقٍ كَجَوَارٍ وَإِذَا نُطِقَ بِيَائِهِ تُشَدَّدُ وَتُخَفَّفُ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ،«وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَّةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ، وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ، وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ». وَقَوْلُهُ: بِوَزْنِ مَكَّةَ اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ«الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَالْمِثْقَالُ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ فَكُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَلَوْ نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ حَبَّةً أَوْ بَعْضَهَا فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ رَاجَ رَوَاجَ التَّامِّ، وَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ فَالصَّحِيحُ لَا زَكَاةَ، وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ. (وَلَا شَيْءَ فِي الْمَغْشُوشِ) مِنْهُمَا (حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا) فَإِذَا بَلَغَهُ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ خَالِصًا مِنْ الْمَغْشُوشِ مَا يَعْلَمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى خَالِصٍ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ (وَلَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا) بِأَنْ أُذِيبَا مَعًا وَصِيغَ مِنْهُمَا الْإِنَاءُ (وَجَهِلَ أَكْثَرَهُمَا زَكَّى الْأَكْثَرَ ذَهَبًا وَفِضَّةً) فَإِذَا كَانَ وَزْنُهُ أَلْفًا مِنْ أَحَدِهِمَا سِتُّمِائَةٍ وَمِنْ الْآخَرِ أَرْبَعُمِائَةٍ زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً (أَوْ مَيَّزَ) بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرِ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ (وَيُزَكِّي الْمُحْرِمُ مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حُلِيٍّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ (وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ (لَا الْمُبَاحِ فِي الْأَظْهَرِ) الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي النَّقْدِ لِجَوْهَرِهِ أَوْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَتَجِبُ فِي الْمُبَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ لِعَيْنِهِ (وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) بِأَنْ يَقْصِدَهُ بِاتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ (فَلَوْ اتَّخَذَ سِوَارًا) مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ الْمُحَرَّمِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ فِي الْأُولَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ فَلَا زَكَاةَ جَزْمًا وَلَوْ قَصَدَ كَنْزَهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ جَزْمًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ خِلَافًا. (وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ) لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ الِاسْتِعْمَالُ (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) لَا زَكَاةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ لِدَوَامِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ. وَالثَّانِي فِي الزَّكَاةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْإِصْلَاحَ بِأَنْ احْتَاجَ فِي اسْتِعْمَالِهِ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَوَّلُ الْحَوْلِ وَقْتُ الِانْكِسَارِ. وَكَذَا لَوْ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ وَقَصَدَ كَنْزَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا الْوُجُوبُ وَلَوْ كَانَ الِانْكِسَارُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ (يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا». صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (إلَّا الْأَنْفُ وَالْأُنْمُلَةُ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالْهَمْزَةِ (وَالسِّنُّ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا لِمَنْ قُطِعَ أَنْفُهُ أَوْ أُنْمُلَتُهُ أَوْ قُلِعَتْ سِنُّهُ (لَا الْأُصْبُعُ) فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ«فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقِيسَ عَلَى الْأَنْفِ الْأُنْمُلَةُ وَالسِّنُّ وَتَجْوِيزُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْلَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ أَنَّهَا تَعْمَلُ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ (وَيَحْرُمُ سِنُّ الْخَاتَمِ) مِنْ ذَهَبٍ عَلَى الرَّجُلِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُ الْقَلِيلِ مِنْهُ بِالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ فِي الْإِنَاءِ وَعَبَّرَ بِتَطْوِيقِ الْخَاتَمِ بِأَسْنَانِهِ. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَلْزَمَ الشَّخْصَ مِنْ الْإِنَاءِ وَاسْتِعْمَالُهُ أَدْوَمُ (وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ)«لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدِّرْعِ وَالْخُفِّ وَأَطْرَافِ السِّهَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَغِيظُ الْكُفَّارَ (لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَالرِّكَابِ وَالثُّفْرِ وَبُرَّةِ النَّاقَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالْأَوَّلِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَحْلِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بِالذَّهَبِ (وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَلَيْسَ لَهَا التَّشَبُّهُ بِهِمْ وَإِنْ جَازَ لَهَا الْمُحَارَبَةُ بِآلَةِ الْحَرْبِ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) كَالطَّوْقِ وَالْخَتْمِ وَالسِّوَارِ وَالْخَلْخَالِ. وَكَذَا النَّعْلُ وَقِيلَ: لَا لِلسَّرَفِ (وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا) لَهَا لُبْسُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ) لِلْمَرْأَةِ (كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ. وَكَذَا إسْرَافُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (فِي آلَةِ الْحَرْبِ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ (وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ) لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. (وَكَذَا لِلْمَرْأَةِ بِذَهَبٍ) لَا لِلرَّجُلِ. وَالثَّانِي الْجَوَازُ لَهُمَا وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ لَهُمَا. وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ سَائِرِ الْكُتُبِ قَطْعًا (وَشَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ الْحَوْلُ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ:«لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» (وَلَا زَكَاةَ فِي سَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَاللُّؤْلُؤِ) وَالْيَاقُوتُ لِعَدَمِ وُرُودِهَا فِي ذَلِكَ.. باب زكاة المعدن والركاز والتجارة: (مَنْ اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ مَكَانٍ خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهِ مَوَاتٌ أَوْ مِلْكٌ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُسَمَّى الْمُسْتَخْرَجُ مَعْدِنًا أَيْضًا كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ (لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ) لِلسِّكَّةِ إيَّاهُ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَعْدِنِ لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ (وَفِي قَوْلِ الْخُمْسُ) كَالرِّكَازِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فِي الْأَرْضِ (وَفِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ) بِأَنْ احْتَاجَ إلَى الطَّحْنِ وَالْمُعَالَجَةِ بِالنَّارِ (فَرُبْعُ عُشْرِهِ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ بِلَا تَعَبٍ بِأَنْ اسْتَغْنَى عَنْهُمَا (فَخُمُسُهُ) كَمَا اخْتَلَفَ الْوَاجِبُ فِي الْمَسْقِيِّ بِالْمَطَرِ وَالْمَسْقِيِّ بِالنَّضْحِ (وَيُشْتَرَطُ النِّصَابُ لَا الْحَوْلُ عَلَى الْمَذْهَب فِيهِمَا) وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا دُونَ النِّصَابِ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَالْحَوْلُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ. وَطَرِيقُ الْخِلَافِ فِي النِّصَابِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ وَفِي الْحَوْلِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ (وَيُضَمُّ بَعْضُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْرَجُ (إلَى بَعْضٍ) فِي النِّصَابِ (إنْ تَتَابَعَ الْعَمَلُ وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الضَّمِّ (اتِّصَالُ النَّيْلِ عَلَى الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْعَادَةَ تَفَرُّقُهُ وَالْقَدِيمُ إنْ طَالَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ لَا يُضَمُّ (وَإِذَا قَطَعَ الْعَمَلَ بِعُذْرٍ) ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (ضُمَّ) قَصُرَ الزَّمَانُ أَمْ طَالَ عُرْفًا. وَقِيلَ: الطَّوِيلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَقِيلَ: يَوْمٌ كَامِلٌ وَمِنْ الْعُذْرِ إصْلَاحُ الْآلَاتِ وَهَرَبُ الْأُجَرَاءِ وَالسَّفَرُ وَالْمَرَضُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَطَعَ الْعَمَلَ بِغَيْرِ عُذْرٍ (فَلَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) طَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ لِإِعْرَاضِهِ (وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ كَمَا يَضُمُّهُ إلَى مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمَعْدِنِ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ) فَإِذَا اسْتَخْرَجَ مِنْ الْفِضَّةِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ بِالثَّانِي فَلَا زَكَاةَ فِي الْخَمْسِينَ، وَتَجِبُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ كَمَا تَجِبُ فِيهَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لِخَمْسِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ، وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ مِنْ حِينِ تَمَامِهِمَا إذَا أَخْرَجَ حَقَّ الْمَعْدِنِ مِنْ غَيْرِهِمَا وَلَوْ اسْتَخْرَجَ اثْنَانِ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا فَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ يَنْبَنِي عَلَى ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي، وَالْأَظْهَرُ كَمَا تَقَدَّمَ الثُّبُوتُ فِيهِ وَوَقْتُ وُجُوبِ حَقِّ الْمَعْدِنِ بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَوْلَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُصُولُ النَّيْلِ فِي يَدِهِ وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ التَّخْلِيصُ وَالتَّنْقِيَةُ مِنْ التُّرَابِ وَالْحَجَرِ، فَلَوْ أَخْرَجَ مِنْهُ قَبْلَهُمَا لَمْ يُجْزِهِ وَمُؤْنَتُهُمَا عَلَى الْمَالِكِ. وَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مَعْدِنٍ، وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ يَجِبُ فِي كُلِّ مُسْتَخْرَجٍ مِنْهُ مُنْطَبِعًا كَانَ كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ أَوْ غَيْرَهُ كَالْكُحْلِ وَالْيَاقُوتِ.«وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (يُصْرَفُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ.، وَالثَّانِي يُصْرَفُ مَصْرِفَ خُمُسِ الْفَيْءِ لِأَنَّ الرِّكَازَ مَالٌ جَاهِلِيٌّ حَصَلَ الظُّفْرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَ كَالْفَيْءِ فَيُصْرَفُ خُمُسُهُ مَصْرِفَ خُمُسِ الْفَيْءِ (وَشَرْطُهُ النِّصَابُ وَالنَّقْدُ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ قَوْلَانِ الْجَدِيدُ الِاشْتِرَاطُ. كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَاَلَّذِي فِي نُسَخِ مِنْ الشَّرْحِ تَرْجِيحُ طَرِيقِ الْقَوْلَيْنِ وَاسْتَدَلَّ لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. (لَا الْحَوْلُ) فَلَا يُشْتَرَطُ بِلَا خِلَافٍ، وَعَلَى اشْتِرَاطِ النِّصَابِ لَوْ وُجِدَ دُونَهُ وَهُوَ مَالِكٌ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ وَجَبَتْ زَكَاةُ الرِّكَازِ وَعَلَى الْوُجُوبِ فِي غَيْرِ النَّقْدِ يُؤْخَذُ خُمُسُ الْمَوْجُودِ مِنْهُ لَا قِيمَتُهُ (وَهُوَ) أَيْ الرِّكَازُ (الْمَوْجُودُ الْجَاهِلِيُّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ (فَإِنْ وُجِدَ إسْلَامِيٌّ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ (عُلِمَ مَالِكُهُ فَلَهُ) لَا لِلْوَاجِدِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَالِكُهُ (فَلُقَطَةٌ) يُعَرِّفُهُ الْوَاجِدُ سَنَةً ثُمَّ لَهُ تَمَلُّكُهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهُ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الضَّرْبَيْنِ) الْجَاهِلِيِّ أَوْ الْإِسْلَامِيِّ (هُوَ) بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُضْرَبُ مِثْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا أَثَرَ عَلَيْهِ كَالتِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالْأَوَانِي فَهُوَ لُقَطَةٌ يَفْعَلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الرِّكَازَ (الْوَاجِدُ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) فِيهِ (إذَا وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ أَوْ مِلْكٍ أَحْيَاهُ) وَيَمْلِكُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ وُجِدَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ فَلُقَطَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) يَفْعَلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: رِكَازٌ كَالْمَوَاتِ بِجَامِعِ اشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي الثَّلَاثَةِ. (أَوْ) وُجِدَ (فِي مِلْكٍ شَخْصٍ فَلِلشَّخْصِ إنْ ادَّعَاهُ) فَأَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ كَالْأَمْتِعَةِ فِي الدَّارِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ (فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ) الْأَمْرُ إلَى الْمُحْيِي لِلْأَرْضِ فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ لِأَنَّهُ بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ مَا فِي الْأَرْضِ وَبِالْبَيْعِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَدْفُونٌ مَنْقُولٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُحْيِي أَوْ تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ هَالِكًا فَوَرَثَتُهُ قَائِمُونَ مَقَامَهُ، فَإِنْ قَالَ بَعْضُ وَرَثَةِ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ: هُوَ لِمُوَرِّثِنَا، وَأَبَاهُ بَعْضُهُمْ سُلِّمَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي إلَيْهِ وَسَلَكَ بِالْبَاقِي مَا ذَكَرَهُ. (وَلَوْ تَنَازَعَهُ) أَيْ الرِّكَازَ فِي الْمِلْكِ (بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ أَوْ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ أَوْ مُعِيرٌ وَمُسْتَعِيرٌ) فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: هُوَ لِي وَأَنَا دَفَنْته (صُدِّقَ ذُو الْيَدِ) أَيْ الْمُشْتَرِي مَا وَالْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرُ (بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي مَتَاعِ الدَّارِ. وَهَذَا إذَا اُحْتُمِلَ صِدْقَ صَاحِبِ الْيَدِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ صِدْقُهُ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَا يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِي مُدَّةِ يَدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ. وَلَوْ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمُكْرِي وَالْمُعِيرِ بَعْدَ عَوْدِ الدَّارِ إلَى يَدِهِمَا فَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا دَفَنْته بَعْدَ عَوْدِ الدَّارِ إلَيَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ قَالَ: دَفَنْته قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدَيَّ. فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلِمَ لَهُ حُصُولُ تَنَسُّخِ الْكَنْزِ فِي يَدِهِ فَيَدُهُ الْيَدُ السَّابِقَةُ.
|